الأدلة المادية لنماذج الخط العربي والنقوش في مصر قبل قيام الدولة العباسية عام132م /750م "قراءة جديدة لأهميتها الأثرية والتاريخية والحضارية"

Document Type : Original Article

Author

Abstract

  يعد هذا البحث من الموضوعات الجديدة المهمة لاسيما في ظل تلك الهجمة الشرسة على تاريخ الإسلام وحضارته وبصفة خاصة تاريخ الإسلام المبكر من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم (ت 11هجرية /632م) مرورا بعصر الخلفاء الراشدين (11-40هجرية/632-660م) وإنتهاءاً بالعصر الاموي( 41 -132 هجرية /661-750م)؛ ومصدر تلك الهجمة الشرسة هم من يطلقون على أنفسهم إسم المستشرقون أو المراجعون الجدد ويعرفون أيضاً بالتنقيحيين ويعتمدون في ذلك على منهج قاصر لايمت للمنهج العلمي السليم بصلة وخلاصة هذا المنهج أنه لا تاريخ بدون أثار وهو الأمر الذي يعني أن عدم وجود أدلة مادية أثرية لأي عصر أو أي شخص حتى ولوكان نبيا ورسولا فإن ذلك يعد دليلاً قوياً على عدم تاريخيته، ومن هذا المنطلق القاصر تم إثارة الشبهات والتشكيك حول التاريخ الإسلامي المبكر سواء كان الأمر يتعلق بالدين الإسلامي ونبيه صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم وسنته الشريفة أو يتعلق بتاريخ الخلفاء الراشدين وأحداث عصرهم والفتوحات شرقاً وغرباً أو يتعلق بعصر الخلفاء الأمويين واعتبارهم مسيحيين وليسوا مسلمين، وحجتهم في ذلك عدم وجود أدلة مادية آثرية (من وجهة نظرهم) تثبت وتؤكد تاريخية هذه الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام وحضارته؛ ومن الغريب والملفت للنظر في ذات الوقت أنه عندما وجدوا بعض الأدلة المادية الأثرية من عصري الراشدين والامويين لم ينسبوها للعرب المسلمين بل إتخذوها دليلا لهدم وطمس التاريخ الإسلامي المبكر وحسبنا أن نشير هنا إلى نقش قبة الصخرة بالقدس الشريف المؤرخ بعام72هجرية/691م (أشكال 61-64) فقد أشار الدكتور كريستوف لوكسنبرج صاحب نظرية القراءة السريانية الآرامية للقرآن الكريم الي أن إسم محمد الوارد في هذا النقش ليس اسم علم يشير إلى محمد نبي المسلمين لأنه لم يكن قد ظهر بعد وإنما هو صفة تعنى الممجد للسيد المسيح - عليه السلام؛ وبالتالي هذا هو محمد الأول أما محمد الثاني أي نبي المسلمين فقد صنعه العباسيون قبل منتصف القرن الثاني الهجري /الثامن الميلادي؛ وقياساً على ذلك هناك آراء شاذة أخرى كثيرة حول تاريخ هذه الفترة؛ ومنها على سبيل المثال دراسة فولكر بوب بعنوان خفايا الإسلام وبداياته، إعادة قراءة في النقوش والمسكوكات حيث يتحدث عن ظهور المحمدية بوصفها دعوة عبد الملك بن مروان لفهم المسيح على انه عبد الله (خادم الله) المختار/ المحمود (المحمد) وذلك من خلال تفسيره العجيب واللاهوتى لنقش قبة الصخرة وهو ما سنعود إليه تفصيلا في دراسة تحليلية لاحقة، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية هذا البحث وموضوعه الأدلة المادية لنماذج الخط العربي والنقوش في مصر قبل قيام الدولة  العباسية عام132م /750م قراءة جديدة لاهمينها الأثرية والتاريخية والحضارية.
 وتكمن أهمية هذا البحث في وجود أدلة  مادية كثيرة على مختلف المواد الأثرية من الآثار الثابتة (العمائر والنقوش الصخرية) أو الآثار المنقولة والتى تحتفظ بها العديد من المتاحف في مصر والعالم ترجع إلى عصري الخلفاء الراشدين والامويين؛ من البرديات والمسكوكات والصنج والاختام الرصاصية  والمكاييل  والمنسوجات والنقوش الشاهدية (شواهد القبور) وغيرها.
وسوف نتناول في هذا البحث دراسة الأدلة المادية لنماذج الخط العربي والنقوش المسجلة على تلك المواد الأثرية لإثبات أهمينها وقيمتها الآثارية والتاريخية والحضارية، وبالتالي نسف كل ادعاءات هؤلاء المستشرقون أو المراجعون الجدد في الغرب  وأنصارهم وأتباعهم وتلامذتهم في الشرق حول التاريخ الإسلامي المبكر؛ لأن هذه الأدلة الدامغة بخطها العربي وبنصوصها المختلفة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك تاريخية التاريخ الإسلامي المبكر وحقيقة أحداثه العامة وعلى رأسها الفتوحات العربية الإسلامية وأعلامها من جهة كما أن تنوع نماذج الخط خلال تلك الفترة إنما يمثل الإرهاصات الأولى أو المبكرة لنشأة المدرسة المصرية في فن الخط العربى؛ تلك المدرسة التي إستطاعت  أن تتبوأ  مكانتها الرفيعة بين مدارس الخط العربي الأخرى في الشرق والغرب على السواء؛ والله يوفقنا لما فيه الخير والعلم النافع.